تتصل صديقةعلى صديقتها وتقول: “عندي لك اليوم فلم يصيح ويقطع القلب “
أو ينصح آخر زميله فيقول: “فيه فلم رهيب لازم تشوفه بعدها ما راح تنام أسبوع!”
ربما من السهل فهم الهدف من مشاهدة أفلام الكوميدي مثلا ، فهي تبث في دواخلنا إحساسا – ولو لحظيا – بالمتعة والراحة. لكن الخوف، القلق ، الحزن الشديد والاكتئاب وربما الإحساس بالقهر … مشاعر سلبية ومظلمة لا نتمنى أن نشعر أو نحس بها في حياتنا اليومية. رغم ذلك، كثير من الناس يحرص على قراءة الروايات أو ربما متابعة ومشاهدة مسلسلات تلفزيونية أو أفلام تقدم تمثل هذه المشاعروالأحاسيس بتفاصيل دقيقة للمشاهد ليشعر بها ، ويحس بتفاصيلها ويعيش لحظاتها.
سؤال يراود بعضنا أحيانا ، لماذا نشاهدها وندفع المال من أجلها؟ وماذا تقدم لنا مثل هذه المشاعر التي نستطيع أن نصفها بالمؤلمة؟
لنتفق أولا قبل كل شيء ، أن النفس البشرية كائن معقد صعب الفهم في كثير من الأحيان ولا تزال الدراسات والأبحاث تكتشف كل يوم شيئا جديدا ..
مشاهدة الأفلام الحزينة تؤدي أحيانا – وبشكل غير متوقع – إلى عودة التوازن و زيادة مستوى الرضى لدى الإنسان، مقارنتك لما تشاهده من مشاعر مؤلمة وحزينة يجعلك تقدر وبشكل عفوي حياتك البسيطة ، وتتناسى كل ما فيها من منغصات .. ففشلك في اختبار مادة خلال دراستك الجامعية مثلا لا يقارن بألم ذلك الرجل الذي ضاع عدة أشهر في البحر أو سجن ظلما في السجن لسنوات طويلة. في ظني أن القصة أو الفلم قد تكون ذا تأثير أقوى في حالة كانت أحداثها مبنية على وقائع حقيقية أو قريبة من حياتنا. بشكل مبسط .. من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.
من منظور آخر ، تقل نسبة التوتر لدى الإنسان بعدالبكاء عند مشاهدة اللقطات الحزينة. أثبتت دراسات أن الدماغ يقوم بإفراز هرمون الاندورفين – والذي يخفف الشعور بالألم ويزيد الراحة – عندما يشاهد الشخص مثل تلك المشاهد الحزينة..
مشاهدة تلك الدقائق الحزينة بدورها قد تجعلنا قادرين أكثر على التواصل والتعاطف مع الآخرين. يعيش كثير من الناس والحمد لله حياة مريحة، حيث لم يسبق له مثلا الإحساس بالاكتئاب أو لا يمكن له تصور الشعور ولو بجزء بسيط منه لولا وجود مثلا تلك الأفلام أو حتى الروايات المكتوبة والتي قد توصل ولو جزء بسيطا من تلك الأحاسيس ، مما يجعل الإنسان أكثر قدرة على فهمها.
ماذا عن أفلام الرعب؟
بشكل عام أعتقد أن مشاهدي أفلام الرعب أقل نسبيا عندما نقارنهم بمن يفضل مشاهدة أفلام القصص المحزنة مثلا ، لكن تظل أنها أحد تصنيفات الأفلام ذات المشاهدة العالية. ربما نشاهد تلك الأفلام لاختبار شجاعتنا وقدرة التحمل ، أحد النظريات تقترح أن الإنسان ربما يستطيع التغلب على مخاوفه الشخصية وزيادة ثقته بنفسه إذا استطاع التعرض لها في بيئة مغلقة يتحكم فيها. مشاهدتك لفلم رعب داخل البيت ينطبق عليه هذا الأمر، حيث تستطيع في أي لحظة إيقاف الفلم وإيقاف التوتر والخوف معه.
هذه نظره سريعة ومحاولة للتفكر والبحث في إجابة هذا السؤال ، ولا تزال معرفتنا قاصرة وعاجزة في كثير من الأحيان عن تقديم تفسير متكامل لكثير من جوانب الحياة التي نعيشها.